Sunday, November 18, 2012

تكاسي مصر




تكاسي مصر ما عادتش تحط اغاني!

تكاسي مصر بئت كلها اخوان..
و يحطوا مارشات عسكرية و قرآن..
و بيفتوا في افراح الناس و الاحزان..
كل ده من بعد ثورة الايمان!
يا جدعان!
تكاسي مصر بئت تنائش الاديان
بتكفر اقباط و شيعة و الدين بتاع التخين ابو ودان!
يا عم حد يصلي بتسع مليون
ودم الولاد بخمستلاف و بنبوني و شمعدان!
تكاسي مصر بئت بتبرر للريس.. ائفل الساعة 10 اصل السهر للجدعان!
و احنا يا ريس اونطة.. و سيس و خرفان!
و مالها تتئطع الكهربا.. محنا بنتلكك بنفتح التكييف في الصيف و الواحد عرئان!
انا عارف انت خايف على صحة الشعب يا ريس.. دنته رئيس.. و النعمة كويس!
و زعلانين ليه السكس من النت يتئطع هوه كمان؟
هوه انتو عارفين تخشوا النت من دون كهربا و المودم عطلان؟
تكاسي مصر بئت بتشتم في المليان!
صباع حشيش و جمعة تطبيئ شريعة و زحمة الميدان!
شريعة مين يا عاطل؟
و الي مثلك عارف، قوازك من فؤادة باطل!
شبكتوا الحكومة.. و بئيتوا أرايب!
و الناس بطلت تمشي على الرصيف!
و زحمت العربيات تمشي على الخرايب!
زهقتنا في الكهربا يا مرسي من الصيف!
و خلتنا ننام و نصحى و نعرء علخفيف!
لا عطالة و لا بطالة و لا انقطاع!
وعود و كلام هايف و .. و انت مالك؟
انا مالي بصحيح.. ليه بتكلم في بلد متخصنيش؟
هي مصر للمصريين و لا لينا كلنا!
هي مصر بتاعت ابوكو لوحدكوا و لا للعالمين؟
ممنوع ازعل..
من الي بيحصل؟
و انت مالك تعترض؟
يعني عايش فيها و برضوا معاكو بننهري!
تكاسي مصر يا جدعان بئت اخوان..
ما عادتش تحط موسيقى و ام كلثوم و اسمهان!
بئينا نركب توابيت نكد
و يخطب فينا الامام شيخ التكس خطبة السكة بسهد:
بص الناس مش عاجبها جمعة تطبيئ الشريعة
عاوزين يدخلوا مصر النار
يا عم حمار
هي الدول بتخش النار؟
و الثوار شالوا فراعين علشان تتحط على ألبهم احجار؟
و الثوار دمهم راح علشان تختار فلافل و لا فول؟
انت مسطول؟
دنت شكلك عامل زي الكنافة البرم
مش اخدتوا الحكم
ليه ما راحش الظلم
ليه الناس بتتخانئ و تمسك في بعضيها
و الواحد مش عارف يخاف من الناس و لا على نفسيها؟
يا عم.. وصلت الجامعة
سلام
و عليكم السلام

Monday, November 12, 2012

شقوة الآمال



حينما تغمض عين الشمس و الأبواب تغلق
و نسيم الصمت يسري و هو ختلان معتق
حين لا يُلفى من الضوء سوى ماكان أزرق

وبصيص الهمس مولود بديجور السوادِ
حاول النهضة يثّاقل من طول الرقادِ
و شرار ربما يحرق أثواب الحدادِ

صيحة الميلاد كانت هي أم صيحة موتِ
زلزلت دنياي عَصْفاً... لم تغادرها بفوتِ
صيحة ضجت لها الأركان لكن ...دون صوتِ

أسدى يا أيها المكنون ضاعت ضربتُك
صُدّعت أعمدة الكون و تأبى علبتُك
حطم القيد و لا تخبُ يؤوساً نبضتُك

عندما صغت مواعيظ بروح ٍ و دمِ
- و فصيح القول في الجهال قول أعجمي -
كنت كالأبكم ...قد ساء نشيد الأبكمِ

يا لعبراتيَ تجري سابقت رأساً يطاطي
كيف لا ..قد سحبوا من تحت جذريَّ بساطي
و حبالي إن تذب لا أيْدَ يرجى برباطي

إن ترَ النور و هم عميٌ فأنت الكاذبُ
لست شمساً لست بدراً بل غراب ناعبُ
أنت إبراهيم يوم العيد عنهم راغبُ

لا تؤذن في فلاة لا تُوَهّم بالبلاغ
خيطت الآذان و الإبصار عن حقك راغ
عابثاً يلهو بنا الدهر فنلقى في فراغ

عبدالله عيسى


Friday, November 09, 2012

Nähe des Geliebten

Nähe des Geliebten
Nearness of the
Beloved One
Johann Wolfgang von Goethe
Translation by Hyde Flippo

Ich denke dein,
    wenn mir der Sonne schimmer
I think of you,
    when I see the sun's shimmer
Vom Meere strahlt;
Gleaming from the sea.
Ich denke dein,
    wenn sich des Mondes Flimmer
I think of you,
    when the moon's glimmer
In Quellen malt.
Is reflected in the springs.
Ich sehe dich,
    wenn auf dem fernen Wege
I see you,
    when on the distant road
Der Staub sich hebt,
The dust rises,
In tiefer Nacht,
    wenn auf dem schmalen Stege
In deep night,
    when on the narrow bridge
Der Wandrer bebt.
The traveler trembles.
Ich höre dich,
    wenn dort mit dumpfem Rauschen
I hear you,
    when with a dull roar
Die Welle steigt.
The wave surges.
Im stillen Haine geh' ich oft zu lauschen,
In the quiet grove I often go to listen
Wenn alles schweigt.
When all is silent.
Ich bin bei dir,
    du seist auch noch so ferne,
I am with you,
    however far away you may be,
Du bist mir nah!
You are next to me!
Die Sonne sinkt,
    bald leuchten mir die Sterne.
The sun is setting,
    soon the stars will shine upon me.
O wärst du da!
If only you were here!

J.W. von Goethe


Wednesday, November 07, 2012

الورقة البيضاء



ثلاث  سنوات و أكثر تفصلنا ما بين الآن و 2009 حيث طالبنا و اقرينا بأننا سنلجأ لخيار الورقة البيضاء!
و رغم اختلاف الظروف و المواقف.. الا انني اجد نفسي في نفس المكان و بنفس الهدف: الاحتجاج!


لأنها تعبير و احتجاج راقي و متحضر، توصل به رأيك الى الحكومة و السلطة و وسائل الاعلام من دون الاخلال او الامتناع عن حقك في التصويت و المشاركة في الممارسة الديموقراطية!
لن ادخل في ذكر الاسباب التي اوصلتنا هنا او موقفي منها فمطقوق يغطيها بكل اقتدار و رأيي واضح و موجود في تويتر!

انا هنا لكي اعرض لكم خيارا بديلا لا يعرف بوجوده الكثيرون، خيار يختلف عن ما يريده القائمون على اللجنة الشعبية لمقاطعةالانتخابات.. هذا الخيار هو القاء ورقة الاقتراع بيضاء في الصندوق دون ان تختار احدا من المرشحين و هو بديل عن مقاطعة الانتخابات و التنازل عن حقوقنا الدستورية الديموقراطية في التصويت!

لتعبر عن رفضك لما يحدث عليك بان تكون واضحا و مسموعا.. عليك ان تكون موجودا!
و لتكون واضحا و لاحتجاجك وجودا عليك ان تكون معروفا و رقما ظاهرا في النتائج الرسمية في الانتخابات، و هو غير متاح عندما تقاطع الانتخابات، لأنك ستكون مع الغير مهتمين بالعملية الانتخابية و اللا مبالين.. في حين بالورقة البيضاء لن يكون باستطاعة الحكومة ان تهمش او تلغي وجودك و سيكون احتجاجك موجودا في النتائج الرسمية! و ستكون هذه النتيجة مادة دسمة لوسائل الاعلام لتسليط الضوء عليها و الالتفات لها و هو ما ننشده بدلا من الانزواء في العتمة و يهمل الاحتجاج بمقاطعة الانتخابات!
مثال على ذلك عرض نتائج انتخابات محافظة لندن و المجلس سنة 2008 و عدد الاوراق البيضاء رسميا لأول مرة في الاعلان الرسمي.

و اعود لأكرر بان طالما هدفنا هو اعلان احتجاجنا على ما يحدث في العملية الانتخابية و لعدم اقتناعنا بالمرشحين فان الورقة البيضاء هي الخيار الامثل لأنها ستبين حجم و عدد المستائين لما يحدث من تشويه للعملية الانتخابية و للسياسة الكويتية بشكل عام و ستكون مطالبة ايجابية للاصلاح!
فلا سبب يدعوك لكي تكون صامتا و صوت بالبيضاء حتى يحتسب اعتراضك و احتجاجك في النتائج الرسمية، اسمع السلطة و وسائل الاعلام صوتك بالبيضاء!

من ابداعات بومريوم

الامتناع عن التصويت غير مؤثر كوسيلة احتجاجية و سيحال الى نسبة اللامبالين و العزوف من الغير مهتمين بالتصويت بعكس التصويت بالورقة البيضاء.

للتنويه: كتابة العبارات الاحتجاجية على الورقة سيؤدي الى الغائها و اعتبارها ورقة ملغية و ليست بيضاء.. لذلك ان قررت ان تشارك و تحتج بالورقة البيضاء فان عليك ان تترك ورقة الاقتراع كما هي.

  خلصت كلامي

Tuesday, November 06, 2012

المواكب



الخيرُ في الناسِ مصنوع إذا جُبروا والشرُّ في الناسِ لا يفنى وإِن قُبروا

وأكثرُ الناسِ آلاتٌ تحركها أصابعُ الدهر يوماً ثم تنكسرُ

فلا تقولنَّ هذا عالم علمٌ ولا تقولنَّ ذاك السيد الوَقُرُ

فأفضل الناس قطعانٌ يسير بها صوت الرعاة ومن لم يمشِ يندثر

* * * *



ليس في الغابات راعٍ لا ولا فيها القطيعْ فالشتاء يمشي و لكن لا يُجاريهِ الربيعْ

خُلقَ الناس عبيداً للذي يأْبى الخضوعْ فإذا ما هبَّ يوماً سائراً سار الجميعْ

* * * *



أعطني النايَ وغنِّ فالغناء يرعى العقولْ

وأنينُ الناي أبقى من مجيدٍ و ذليلْ

* * * *



وما الحياةُ سوى نومٍ تراوده أحلامُ من بمرادِ النفس يأتمرُ

والسرُّ في النفس حزن النفس يسترهُ فإِن تولىَّ فبالأفراحِ يستترُ

والسرُّ في العيشِ رغدُ العيشِ يحجبهُ فإِن أُزيل توَّلى حجبهُ الكدرُ

فإن ترفعتَ عن رغدٍ وعن كدرِ جاورتَ ظلَّ الذي حارت بهِ الفكرُ

* * * *



ليس في الغابات حزنٌ لا ولا فيها الهمومْ

فإذا هبّ نسيمٌ لم تجيء معه السمومْ

ليس حزن النفس إلا ظلُّ وهمٍ لا يدومْ

وغيوم النفس تبدو من ثناياها النجومْ

* * * *



أعطني الناي و غنِّ فالغناء يمحو المحنْ

وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الزمنْ

* * * *




وقلَّ في الأرض مَن يرضى الحياة كما تأتيهِ عفواً و لم يحكم بهِ الضجرُ

لذاك قد حوَّلوا نهر الحياة إلى أكواب وهمٍ إذا طافوا بها خدروا

فالناس إن شربوا سُرَّوا كأنهمُ رهنُ الهوى وعَلىَ التخدير قد فُطروا

فذا يُعربدُ إن صلَّى و ذاك إذا أثرى و ذلك بالأحلام يختمرُ

فالأرض خمارةٌ و الدهر صاحبها وليس يرضى بها غير الألى سكروا

فإن رأَيت أخا صحوٍ فقلْ عجباً هل استظلَّ بغيم ممطرٍ قمرُ

* * * *




ليس في الغابات سكرٌ من خيال أو مدام

فالسواقي ليس فيها غير إكسير الغمامْ

إنما التخدير ُ ثديٌ و حليبٌ للأنام

فإذا شاخوا و ماتوا بلغوا سن الفطامْ

* * * *



أعطني النايَ و غنِّ فالغناء خير الشرابْ

وأنين الناي يبقى بعد أن تفنى الهضاب

* * * *



والدينُ في الناسِ حقلٌ ليس يزرعهُ غيرُ الألى لهمُ في زرعهِ وطرُ

من آملٍ بنعيمِ الخلدِ مبتشرٍ ومن جهولٍ يخافُ النارَ تستعرُ

فالقومُ لولا عقابُ البعثِ ما عبدوا رباًّ ولولا الثوابُ المرتجى كفروا

كأنما الدينُ ضربٌ من تجارتهمْ إِن واظبوا ربحوا أو أهملوا خسروا

* * * *



ليس في الغابات دينٌ لا ولا الكفر القبيحْ

فإذا البلبل غنى لم يقلْ هذا الصحيحْ

إنَّ دين الناس يأْتي مثل ظلٍّ و يروحْ

* * * *



أعطني الناي و غنِّ فالغناء خيرُ الصلاة

وأنينُ الناي يبقى .بعد أن تفنى الحياةْ

* * * *



والعدلُ في الأرضِ يُبكي الجنَّ لو سمعوا بهِ و يستضحكُ الأموات لو نظروا

فالسجنُ و الموتُ للجانين إن صغروا والمجدُ و الفخرُ والإثراءُ إن كبروا

فسارقُ الزهر مذمومٌ و محتقرٌ وسارق الحقل يُدعى الباسلُ الخطرُ

وقاتلُ الجسمِ مقتولٌ بفعلتهِ وقاتلُ الروحِ لا تدري بهِ البشرُ

* * * *



ليس في الغابات عدلٌ لا ولا فيها العقابْ

فإذا الصفصاف ألقى ظله فوق الترابْ

لا يقول السروُ هذي بدعةٌ ضد الكتابْ

أن عدلَ الناسِ ثلجُ إنْ رأتهُ الشمس ذابْ

* * * *



أعطني الناي وغنِ فالغناء عدلُ القلوبْ

وأنين الناي يبقى بعد أن تفنى الذنوبْ

* * * *



والحقُّ للعزمِ والأرواح إن قويتْ سادتْ وإن ضعفتْ حلت بها الغِيرُ

ففي العرينة ريحٌ ليس يقربهُ بنو الثعالبِ غابَ الأسدُ أم حضروا

وفي الزرازير جُبن وهي طائرة وفي البزاةِ شموخٌ وهي تحتضر

والعزمُ في الروحِ حقٌ ليس ينكره عزمُ السواعد شاءَ الناسُ أم نكروا

فإن رأيتَ ضعيفاً سائداً فعلى قوم إذا ما رأَوا أشباههم نفروا

* * * *



ليس في الغابات عزمٌ لا ولا فيها الضعيفْ

فإذا ما الأُسدُ صاحت لم تقلْ هذا المخيفْ

أن عزم الناس ظلٌّ في فضا الفكر يطوفْ

وحقوق الناس تبلى مثل أوراق الخريفْ

* * * *



أعطني الناي و غنِّ فالغناء عزمُ النفوسْ

وأنينُ الناي يبقى بعد أن تفنى الشموسْ

* * * *



والعلمُ في الناسِ سُـبْـلٌ بانَ أوَّلها أما أواخرها فالدهرُ و القدرُ

وأفضلُ العلم حلمٌ إن ظفرتَ بهِ وسرتَ ما بين أبناء الكرى سخروا

فان رأيتَ أخا الأحلام منفرداً عن قومهِ وهو منبوذٌ ومحتقرُ

فهو النبيُّ وبُردُ الغَدّ يحجبهُ عن أُمةٍ برداءِ الأمسِ تأتزرُ

وهو الغريبُ عن الدنيا وساكنِها وهو المهاجرُ لامَ الناس أو عذروا

وهو الشديد و إن أبدى ملاينةً وهو البعيدُ تدانى الناس أم هجروا

* * * *



ليس في الغابات علمٌ لا ولا فيها الجهولْ

فإذا الأغصانُ مالتْ لم تقلْ هذا الجليلْ

إن علمَ الناس طرَّا كضبابٍ في الحقولْ

فإذا الشمس أطلتْ من ورا الأفق يزولْ

* * * *



أعطني النايَ وغنِّ فالغناء خير العلومْ

وأنينُ الناي يبقى بعد أن تطفئ النجومْ

* * * *



والحُرُّ في الأرض يبني من منازعهِ سجناً لهُ وهو لا يدري فيؤتسرُ

فان تحرَّر من أبناءِ بجدتهِ يظلُّ عبداً لمن يهوى و يفتكرُ

فهو الأريب و لكن في تصلبهِ حتى و للحقِّ بُطلٌ بل هو البطرُ

وهو الطليقُ و لكن في تسرُّعهِ حتى إلى أوجِ مجدٍ خالدٍ صِغرُ

* * * *



ليس في الغابات حرٌّ لا ولا العبد الدميمْ

إنما الأمجادُ سخفٌ وفقاقيعٌ تعومْ

فإذا ما اللوز ألقى زهره فوق الهشيمْ

لم يقلْ هذا حقيرٌ وأنا المولى الكريمْ

* * * *



أعطني الناي وغني فالغناء مجدٌ أثيلْ

وأنين الناي أبقى من زنيمٍ و جليلْ

* * * *



واللطفُ في الناسِ أصداف وإن نعمتْ أضلاعها لم تكن في جوفها الدررُ

فمن خبيثٍ له نفسان واحدةٌ من العجين و أُخرى دونها الحجرُ

ومن خفيفٍ ومن مستأنث خنثِ تكادُ تُدمي ثنايا ثوبهِ الإبرُ

واللطفُ للنذلِ درعٌ يستجيرُ بهِ إن راعهُ وجلٌ أو هالهُ الخطرُ

فان لقيتَ قوياًّ ليناً فيهِ لأَعينٍ فقدتْ أبصارها البصرُ

* * * *



ليس في الغابِ لطيفٌ لينهُ لين الجبانْ

فغصونُ البان تعلو في جوار السنديانْ

وإذا الطاووسُ أُعطي حلةً كالأرجوان

فهوَ لا يدري أحسنٌ فيهِ أم فيهِ افتتان

* * * *



أعطني الناي وغنِّ فالغناء لطفُ الوديعْ

وأنين الناي أبقى من ضعيفٍ و ضليعْ

* * * *



والظرفُ في الناس تمويهٌ وأبغضهُ ظرفُ الأولى في فنون الاقتداء مهروا

من مُعجبٍ بأمورٍ وهو يجهلها وليس فيها له نفعٌ ولا ضررُ

ومن عتيٍّ يرى في نفسهِ ملكاً في صوتها نغمٌ في لفظها سُوَرُ

ومن شموخٍ غدت مرآتهُ فلكاً وظلهُ قمراً يزهو و يزدهرُ

* * * *



ليس في الغابِ ظريف ظرفهُ ضعف الضئيلْ

فالصَّبا وهي عليل ما بها سقمُ العليلْ

إن في الأنهار طعماً مثل طعم السلسبيلْ

وبها هولٌ وعزمٌ يجرفُ الصلدَ الثقيلْ

* * * *



أعطني الناي وغنِّ فالغناء ظرفُ الظريفْ

وأنين الناي أبقى من رقيق وكثيفْ

* * * *



والحبُّ في الناس أشكالٌ وأكثرها كالعشب في الحقل لا زهرٌ ولا ثمرُ

وأكثرُ الحبِّ مثلُ الراح أيسرهُ يُرضي و أكثرهُ للمدمنِ الخطرُ

والحبُّ إن قادتِ الأجسام موكبهُ إلى فراش من اللذّات ينتحرُ

كأنهُ ملكٌ في الأسر معتقلٌ يأبى الحياة وأعوان له غدروا

* * * *



ليس في الغاب خليعٌ يدَّعي نُبلَ الغرامْ

فإذا الثيران خارتْ لم تقلْ هذا الهيامْ

إنَّ حبَّ الناس داءٌ بين حلمٍ و عظامْ

فإذا ولَّى شبابٌ يختفي ذاك السقامْ

* * * *



أعطني النايَ وغنِّ فالغناء حبٌّ صحيحْ

وأنينُ الناي أبقى من جميل ومليحْ

* * * *



وإن لقيتَ محباً هائماً كلفاً في جوعهِ شبعٌ في وِردهِ الصدرُ

والناسُ قالوا هوَ المجنونُ ماذا عسى يبغي من الحبِّ أو يرجو فيصطبرُ

أَفي هوى تلك يستدمي محاجرهُ و ليس في تلك ما يحلو و يعتبرُ

فقلْ همُ البهمُ ماتوا قبل ما وُلدوا أنَّى دروا كنهَ من يحيي وما اختبروا

* * * *



ليس في الغابات عذلٌ لا ولا فيها الرقيبْ

فإذا الغزلانُ جُنّتْ إذ ترى وجه المغيبْ

لا يقولُ النسرُ واهاً إن ذا شيءٌ عجيبْ

إنما العاقل يدعى عندنا الأمر الغريبْ

* * * *



أعطني الناي وغنِّ فالغناء خيرُ الجنون

وأنين الناي أبقى من حصيفٍ و رصينْ

* * * *



وقل نسينا فخارَ الفاتحينَ وما ننسى المجانين حتى يغمر الغمرُ

قد كان في قلب ذي القرنين مجزرةٌ وفي حشاشةِ قيسِ هيكلٌ وقرُ

ففي انتصارات هذا غلبةٌ خفيتْ وفي انكساراتِ هذا الفوزُ والظفرُ

والحبُّ في الروح لا في الجسم نعرفهُ كالخمرِ للوحي لا للسكرِ ينعصرُ

* * * *



ليس في الغابات ذِكْرٌ غير ذكر العاشقينْ

فالأُلى سادوا ومادوا و طغوا في العالمين

أصبحوا مثل حروفٍ في أسامي المجرمينْ

فالهوى الفضّاح يدعى عندنا الفتح المبينْ

* * * *



أعطني الناي وغنّ وانس ظلم الأقوياء

إنما الزنبق كأسٌ للندى لا للدماء

* * * *



وماالسعادة في الدنيا سوى شبحٍ يُرجى فإن صارَ جسماً ملهُ البشرُ

كالنهر يركض نحو السهل مكتدحاً حتى إذا جاءَهُ يبطي ويعتكرُ

لم يسعد الناسُ إلا في تشوُّقهمْ إلى المنيع فان صاروا بهِ فتروا

فإن لقيتَ سعيداً وهو منصرفٌ عن المنيع فقل في خُلقهِ العبرُ

* * * *



ليس في الغاب رجاءٌ لا ولا فيه المللْ

كيف يرجو الغاب جزءا وعلى الكل اشتملْ

* * * *



وغايةُ الروح طيَّ الروح قد خفيتْ فلا المظاهرُ تبديها و لا الصوَرُ

فذا يقول هي الأرواح إن بلغتْ حدَّ الكمال تلاشت و انقضى الخبرُ

كأنما هي أثمار إذا نضجتْ ومرَّتِ الريح يوماً عافها الشجرُ

وذا يقول هي الأجسام إن هجعت لم يبقَ في الروح تهويمٌ و لا سمرُ

كأنما هي ظلٌّ في الغدير إذا تعكر الماءُ ولّت ومَّحى الاثرُ

ضلَّ الجميع فلا الذرَّاتُ في جسدٍ تُثوى ولا هي في الأرواح تحتضرُ

فما طوتْ شمألٌ أذيال عاقلةٍ إلا ومرَّ بها الشرقي فتنتشرُ

* * * *



لم أجدْ في الغاب فرقاً بين نفس وجسدْ

فالهوا ماءٌ تهادى والندى ماءٌ ركدْ

والشذا زهرٌ تمادى والثرى زهرٌ جمدْ

و ظلالُ الحورِ حورٌ ظنَّ ليلاً فرقدْ

* * * *



أعطني النايَ وغنِّ فالغناء جسمٌ وروح

وأنينُ الناي أبقى من غبوق وصبوحْ

* * * *



والجسمُ للروح رحمٌ تستكنُّ بهِ حتى البلوغِ فتستعلى وينغمرُ

فهي الجنينُ وما يوم الحمام سوى عهدِ المخاض فلا سقطٌ ولا عسرُ

لكن في الناس أشباحاً يلازمها عقمُ القسيِّ التي ما شدَّها وترُ

فهي الدخيلةُ والأرواح ما وُلدت من القفيل و لم يحبل بها المدرُ

و كم عَلَى الأرض من نبتٍ بلا أَرجٍ و كم علا الأفقَ غيمٌ ما به مطرُ

* * * *



ليس في الغاب عقيمٌ لا ولا فيها الدخيلْ

إنَّ في التمر نواةً حفظت سر النخيلْ

وبقرص الشهد رمزٌ عن فقير و حقولْ

إنما العاقرُ لفظ صيغ من معنى الخمولْ

* * * *



أعطني الناي وغنِّ فالغناء جسمٌ يسيلْ

وأنينُ الناي أبقى من مسوخ و نغولْ

* * * *



والموتُ في الأرض لابن الأرض خاتمةٌ وللأثيريّ فهو البدءُ والظفرُ

فمن يعانق في أحلامهِ سحراً يبقى و من نامَ كل الليل يندثرُ

ومن يلازمْ ترباً حالَ يقظتهِ يعانقُ التربَ حتى تخمد الزهرُ

فالموتُ كالبحر مَنْ خفّت عناصره يجتازه وأخو الأثقال ينحدرُ

* * * *



ليس في الغابات موتٌ لا ولا فيها القبورْ

فإذا نيسان ولىَّ لم يمتْ معهُ السرورْ

إنَّ هولَ الموت وهمٌ ينثني طيَّ الصدورْ

فالذي عاش ربيعاً كالذي عاش الدهورْ

* * * *



أعطني الناي وغنِّ فالغناء سرُّ الخلود

وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود

* * * *



أعطني الناي وغنِّ وانسَ ما قلتُ و قلتَ

إنما النطقُ هباءٌ فأفدني ما فعلتَ

هل تخذتَ الغاب مثلي منزلاً دون القصورْ

فتتبعتَ السواقي وتسلقتَ الصخورْ

هل تحممتَ بعطرٍ وتنشفت .بنورْ

وشربت الفجر خمراً في كؤُوس من أثيرْ

هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنبْ

والعناقيد تدلتْ كثريات الذهبْ

فهي للصادي عيونٌ ولمن جاع الطعامْ

وهي شهدٌ وهي عطرٌ ولمن شاءَ المدامْ

هل فرشتَ العشب ليلاً وتلحفتَ الفضا

زاهداً في ما سيأْتي ناسياً ما قد مضى

وسكوت الليل بحرٌ موجهُ في مسمعكْ

وبصدر الليل قلبٌ خافقٌ في مضجعكْ

أعطني الناي و غنِّ وانسَ داًْ ودواء

إنما الناس سطورٌ كتبت لكن بماء

ليت شعري أي نفعٍ في اجتماع وزحامْ

وجدالٍ و ضجيجٍ واحتجاجٍ وخصامْ

كلها أنفاق خُلدٍ وخيوط العنكبوتْ

فالذي يحيا بعجزٍ فهو في بطءٍ يموتْ

* * * *



العيشُ في الغاب والأيام لو نُظمت في قبضتي لغدت في الغاب تنتثرٌ

لكن هو الدهرُ في نفسي له أَربٌ فكلما رمتُ غاباً قامَ يعتذرُ

وللتقادير سبلٌ لا تغيرها والناس في عجزهم عن قصدهم قصروا

جبران خليل جبران