على انغام البطولة و الملاحم التي عزفتها اعظم رحلة في التاريخ البشري وقفت صباح الامس و انا احتسي في شرفتي قدحا من الحليب البارد. وقفت و انا اشرد نظري في الأشجار الباسقة أمامي، و احاول ان افهم الأحداث التي حصلت هناك... في المياه الدولية.
بعد ساعة من اضاعة الوقت في محاولة فهم التخلف العربي و البشري بشكل عام و موضوع قناة قافلة الحرية، اهتديت الى قناعة، باني انا المغفل و هم الاذكياء، و انا الأعوج و هم الاسوياء... لذلك و سيرا على نهجي اتمنى سائلا لا آمرا من الاخوة في اورشليم ان يتفضلوا لا كرها و لا منة في ان يسدوا لنا خدمة، و لنا هذه ليست تفخيمية بل هي عائدة للبشرية، هذه الخدمة هي ان يرسلوا اسطول قافلة الحرية القادمة و المحملة بكنوز التخلف الاسلامي و بمجوهرات الفكر العربي إلى الجنة!
بكبسة زر واحدة، ترسل علماء الجنة الى رحلة لا عودة منها الى الجنة. فيرزقون ما ارادوا، و نرزق نحن خمسة دقائق من راحة البال، نعود بعدها الى ضنك الحياة و قرفها!
و لكن هيهات...
اثناء تصفحي وصلني عبر البريد خبر احزنني كثيرا بوفاة المفكر نصر حامد أبو زيد صباح الاثنين اثر اصابته بفيروس سبب له التهاب الانسجة الدماغية توفي على اثره تاركا وراءه تركة ثقيلة و مشروعا مطلوبا يكمن في تجديد تفسير القرآن.
بحثت في المواقع الدعوذية و اخبار وكلاء الجنة عن تبعات انتشار الخبر و لم يخيبوا الظن، فقد سارع الجهلة منهم الى قيء الفتاوى و الاستنتاجات بان هذا الفيروس هو احد جند الله الذي ارسل الى الدكتور أبو زيد كي يمنعه من تفسير القرآن و هو أمر مضحك، فهذا يعني بأن الله في تصورهم يخاف، و دينهم من الضعف بحيث يحتاج الى تدخل الهي لحمايته، و ان اي تفسير و تجديد خارج دائرتهم هو تحطيم لدينهم!
فهذا دكتور جامعة الكويت الارهابي حامد العلي يذكر في الموقع أن الفيروس الغامض اصاب أبو زيد بالنسيان و من ثم قتله عندما كان الفقيد يستعد لتفسير القرآن!
و هو تفسير مضحك و ينم عن جهل مدعق لا أدل منه فهل وفاة الشعراوي تعتبر اثر نيران صديقة؟ و هل الشيء نفسه لابن عثيمين؟ أو لنأخذ مثالا أوضح هل قتل الحسين و التنكيل به انتصارا لدينه مثلا؟
كما لا ننسى خطاب العلامة نائب مجلس الامة وليد الطبطبائي نائب الحذاء و انفاق غزة و غريق كانكون الذي وجهه لمن يتعاطف او يشارك الفقيد في فكره ان نتوب الى ربه توبة نصوحة حتى لا نلاقي صاحب الرسالة!
طبعا لا يفوتني ذكر ان الطبطبائي دكتور التفسير خريج الازهر الناصح صاحب المقالات المسروقة يعيب على من كافح و تعب و اجتهد في دراسته و نحت في الصخر حتى يستحق علمه و ما وصل اليه و ترك لنا كتبه نستعين فيها و نستفيد منها في حين اقصى فائدة تعلمناها من الطبطبائي هي في المصادر التي سرق منها مقالاته!
بعد فاصل فشة الخلء اترك لكم رثاءا نشره الصديق الدكتور فواز فرحان للراحل:
وداعاً يا أبا زيدٍ وداعا
رياحُ الموتِ مرّتْكَ سراعا
وداعاً يا أبا التنويرِ نصرٌ
عيونُ القومِ تبكيكَ إندفاعا
وداعاً يا من إنقضّ عليهم
كسبعِ غابٍ لا يخشى الضّباعا
ذهبتَ قبل هدمِ ما أقاموا
وقبل أن تراهمُ صراعا
ذهبتَ بينما الأيامُ سودٌ
و شيخُ الدّين يرجو الإتّباعا
فمن يذودُ اليومَ عن حمانا
ومن يُزيحُ للنّاس القناعا
ومن يدفعُ النّوقَ في مسيرٍ
ومن يرفعُ في السّفُنِ الشراعا
فلا نامت عيونُ من أرادوا
غيابَ البدرِ ، يبغونَ الضياعا
تأكّد يا أبا التنويرِ دوماً
على التنوير لا نخشى إنقشاعا
فلن ينساكَ من رامَ العلومَ
ولن يسلوكَ من زادَ إقتناعا
فإنّ النّورَ ما زال يزيدُ
كشمسٍِ زادت الصبحَ شعاعا
سنبقى صابرونَ ما حيينا
فنحنُ لا نخشى لنا إنقطاعا
فموت نصرٍ لا يُنهي النضالَ
نقومُ إثرَ كَسرِنا سِراعا
وموتُ نصرٍ زادنا يقيناً
بأنّنا ماضون من هذي تباعا
فإمّا الموتُ يأتينا عَجولاً
وإلّا نحنُ جئناهُ انصياعا
خلصت كلامي