يا عمّ .. |
من أين الطريق ؟ |
أين طريق " السيّدة "؟ |
- أيمن قليلا ، ثمّ أيسر يا بنيّ |
قال ,, و لم ينظر إليّ ! |
*** |
و سرت يا ليل المدينة |
أرقرق الآه الحزينة |
أجرّ ساقي المجهده ، |
للسيّدة |
بلا نقود ، جائع حتّى العياء ، |
بلا رفيق |
كأنّني طفل رمته خاطئة |
فلم يعره العابرون في الطريق ، |
حتّى الرثاء ! |
*** |
إلى رفاق السيّده |
أجرّ ساقي المجهده |
و النور حولي في فرح |
قوس قزح |
و أحرف مكتوبة نم الضياء |
" حاتي الجلاء " |
و بعض ريح هيّن ، بدء خريف |
تزيح عقصة مغيّمة ، |
مهمومة |
على كتف |
من العقيق و الصدف |
تهفهف الثوب الشفيف |
و فارس شدّ قواما فارغا ، كالمنتصر |
ذراعه ، يرتاح في ذراع أنثى ، كالقمر |
و في ذراعي سلّة ، فيها ثياب ! |
*** |
و الناس يمضون سراعا ، |
لا يحلفون ، |
أشباحهم تمضي تباعا ، |
لا يتظرون |
حتّى إذا مرّ الترام ، |
بين الزحام ، |
لا يفزعون |
لكنّني أخشى الترام |
كلّ غريب ههنا يخشى الترام ! |
و أقبلت سيّارة مجنّحة |
كأنّها صدر القدر |
تقلّ ناسا يضحكون في صفاء |
أسنانهم بيضاء في لون الضياء |
رؤوسهم مرنّحة |
وجوههم مجلوّة مثل الزهر |
كانت بعيدا ، ثمّ مرّت ، واختفت |
لعلّها الآن أمام السيّده |
و لم أزل أجرّ ساقي المجهده ! |
*** |
و الناس حولي ساهمون |
لا يعرفون بعضهم .. هذا الكئيب |
لعلّه مثلي غريب |
أليس مثلي غريب |
أليس يعرف الكلام ؟ |
يقول لي .. حتّى .. سلام ! |
يا للصديق ! |
يكاد يلعن الطريق ! |
ما وجهته ؟ |
ما قصّته ؟ |
لو كان في جيبي نقود ! |
لا . لن أعود |
لا لن أعود ثانيا بلا نقود |
يا قاهره ! |
أيا قبابا متخمات قاعده |
يا مئذنات ملحده |
يا كافره |
أنا هنا لا شيء ، كالموتى ، كرؤيا عابره |
أجرّ ساقي المجهدة |
للسيّده ! |
للسيّده ! |
-------- |
(نوفمبر 1955) |
أحمد عبدالمعطي حجازي